للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» قالوا: فجعله تعبدا، وألحق أبو حنيفة وأصحابه والثوري الصغيرة بها لعدم التكليف، وألحق أبو حنيفة وأصحابه الأمة المسلمة لنقصها، ومحل تقرير ذلك كله في كتب الأحكام والفروع، والله الموفق للصواب.

وقوله ﴿فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ أي انقضت عدتهن، قاله الضحاك والربيع بن أنس، ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾ قال الزهري: أي على أوليائها. ﴿فِيما فَعَلْنَ﴾ يعني النساء اللاتي انقضت عدتهن، قال العوفي عن ابن عباس: إذا طلقت المرأة أو مات عنها زوجها، فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج، فذلك المعروف. وروي عن مقاتل بن حيان نحوه، وقال ابن جريج عن مجاهد ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ قال: النكاح الحلال الطيب، وروي عن الحسن والزهري والسدي ونحو ذلك.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٣٥]]

﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)

يقول تعالى: ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾ أن تعرضوا بخطبة النساء في عدتهن من وفاة أزواجهن من غير تصريح، قال الثوري وشعبة وجرير وغيرهم، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ﴾ قال: التعريض أن يقول: إني أريد التزويج، وإني أحب امرأة من أمرها ومن أمرها-يعرض لها بالقول بالمعروف-وفي رواية:

وددت أن الله رزقني امرأة، ونحو هذا، ولا ينتصب للخطبة، وفي رواية: إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله، ولوددت أني وجدت امرأة صالحة، ولا ينتصب لها ما دامت في عدتها ورواه البخاري تعليقا فقال: وقال لي طلق بن غنام، عن زائدة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ﴾ هو أن يقول: إني أريد التزويج، وإن النساء لمن حاجتي، ولوددت أن ييسر لي امرأة صالحة، وهكذا قال مجاهد وطاوس وعكرمة وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والشعبي والحسن وقتادة والزهري ويزيد بن قسيط ومقاتل بن حيان والقاسم بن محمد وغير واحد من السلف والأئمة في التعريض: إنه يجوز للمتوفى عنها زوجها من غير تصريح لها بالخطبة، وهكذا حكم المطلقة المبتوتة يجوز التعريض لها، كما قال النبي لفاطمة بنت قيس حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلاث تطليقات، فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وقال لها: فإذا حللت فآذنيني، فلما حلت، خطب عليها أسامة بن زيد مولاه، فزوجها إياه، فأما المطلقة فلا خلاف في أنه لا يجوز لغير زوجها التصريح بخطبتها ولا التعريض لها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>