الأمور العظام ﴿يا وَيْلَنا﴾ أي يقولون يا ويلنا ﴿قَدْ كُنّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا﴾ أي في الدنيا ﴿بَلْ كُنّا ظالِمِينَ﴾ يعترفون بظلمهم لأنفسهم حيث لا ينفعهم ذلك.
يقول تعالى مخاطبا لأهل مكة من مشركي قريش ومن دان بدينهم من عبدة الأصنام والأوثان: ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ قال ابن عباس: أي وقودها (١) يعني كقوله: ﴿وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾ [التحريم: ٦] وقال ابن عباس أيضا: حصب جهنم يعني شجر جهنم، وفي رواية قال: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ يعني حطب جهنم بالزنجية. وقال مجاهد وعكرمة وقتادة: حطبها، وهي كذلك في قراءة علي وعائشة ﵄، وقال الضحاك:
حصب جهنم أي ما يرمى به فيها، وكذا قال غيره، والجميع قريب. وقوله: ﴿أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ أي داخلون ﴿لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها﴾ يعني لو كانت هذه الأصنام والأنداد التي اتخذتموها من دون الله آلهة صحيحة لما وردوا النار وما دخلوها ﴿وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ﴾ أي العابدون ومعبوداتهم كلهم فيها خالدون ﴿لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ﴾ كما قال تعالى: ﴿لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦] والزفير خروج أنفاسهم، والشهيق ولوج أنفاسهم ﴿وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ﴾.
قال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا ابن فضيل، حدثنا عبد الرحمن يعني المسعودي عن أبيه قال: قال ابن مسعود: إذا بقي من يخلد في النار جعلوا في توابيت من نار فيها مسامير من نار، فلا يرى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره، ثم تلا عبد الله ﴿لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ﴾ ورواه ابن جرير من حديث حجاج بن محمد عن المسعودي عن يونس بن خبّاب عن ابن مسعود، فذكره.
وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى﴾ قال عكرمة: الرحمة. وقال غيره السعادة ﴿أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ لما ذكر تعالى أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله، عطف بذكر السعداء من المؤمنين بالله ورسله، وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا، كما قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] وقال:
﴿هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ﴾ [الرحمن: ٦٠] فكما أحسنوا العمل في الدنيا أحسن الله