أخبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلى المدينة أنهم يعتذرون إليهم ﴿قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ﴾ أي لن نصدقكم ﴿قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ﴾ أي قد أعلمنا الله أحوالكم ﴿وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ أي سيظهر أعمالكم للناس في الدنيا ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي فيخبركم بأعمالكم خيرها وشرها ويجزيكم عليها، ثم أخبر عنهم أنهم سيحلفون لكم معتذرين لتعرضوا عنهم فلا تؤنبوهم فأعرضوا عنهم احتقارا لهم إنهم رجس أي خبث نجس بواطنهم واعتقاداتهم، ومأواهم في آخرتهم جهنم ﴿جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أي من الآثام والخطايا، وأخبر أنهم إن رضوا عنهم بحلفهم لهم ﴿فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ﴾ أي الخارجين عن طاعة الله وطاعة رسوله، فإن الفسق هو الخروج، ومنه سميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها للإفساد، ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت من أكمامها
أخبر تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد وأجدر، أي أحرى أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله كما قال الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابي: والله إن حديثك ليعجبني، وإن يدك لتريبني. فقال زيد: ما يريبك من يدي إنها الشمال؟ فقال الأعرابي: والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال؟ فقال زيد بن صوحان: صدق الله ﴿الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ﴾.
وقال الإمام أحمد (١): حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس عن رسول الله ﷺ قال: «من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد