على من عداه، تعالى وتقدس وتنزه أن يكون له نظير أو شريك أو وزير أو نديد أو عديل، لا إله إلا هو ولا رب سواه.
وقد أورد النسائي هاهنا حديثا فقال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب، حدثني محمد بن الصباح، حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثنا الأخضر بن عجلان عن أبي جريج المكي عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ أخذ بيدي فقال «إن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش في اليوم السابع، فخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر، وخلقه من أديم الأرض: أحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها، من أجل ذلك جعل الله من بني آدم الطيب والخبيث» هكذا أورد هذا الحديث إسنادا ومتنا، وقد أخرج مسلم والنسائي أيضا من حديث حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة عن النبي ﷺ بنحو من هذا السياق وقد علله البخاري في كتاب التاريخ الكبير فقال: وقال بعضهم:
أبو هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح، وكذا علله غير واحد من الحفاظ، والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ أي يتنزل أمره من أعلى السموات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة، كما قال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢] الآية، وترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا ومسافة ما بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة سنة وسمك السماء خمسمائة سنة وقال مجاهد وقتادة والضحاك: النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام وصعوده في مسيرة خمسمائة عام، ولكنه يقطعها في طرفة عين، ولهذا قال تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ﴾ أي المدبر لهذه الأمور، الذي هو شهيد على أعمال عباده، يرفع إليه جليلها وحقيرها وصغيرها وكبيرها، هو العزيز الذي قد عز كل شيء فقهره وغلبه، ودانت له العباد والرقاب، الرحيم بعباده المؤمنين، فهو عزيز في رحمته رحيم في عزته.
يقول تعالى مخبرا أنه الذي أحسن خلق الأشياء وأتقنها وأحكمها. وقال مالك عن زيد بن أسلم ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ قال: أحسن خلق كل شيء كأنه جعله من المقدم والمؤخر، ثم لما ذكر تعالى خلق السموات والأرض، شرع في ذكر خلق الإنسان، فقال