للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها» (١) انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري، فرواه هو والنسائي من حديث زكريا بن إسحاق المكي به.

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا سريج بن يونس، حدثنا علي بن هشام بن البريد عن محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن عثمان بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي قال: إن رسول الله خير نساءه الدنيا والآخرة ولم يخيرهن الطلاق (٢)، وهذا منقطع.

وقد روي عن الحسن وقتادة وغيرهما نحو ذلك، وهو خلاف الظاهر من الآية، فإنه قال:

﴿فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً﴾ أي أعطيكن حقوقكن وأطلق سراحكن، وقد اختلف العلماء في جواز تزوج غيره لهن لو طلقهن على قولين، أصحهما نعم لو وقع ليحصل المقصود من السراح، والله أعلم. قال عكرمة: وكان تحته يومئذ تسع نسوة: خمس من قريش: عائشة وحفصة وأم حبيب وسودة وأم سلمة ، وكانت تحته صفية بنت حيي النضيرية وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وأرضاهن جميعا.

[[سورة الأحزاب (٣٣): الآيات ٣٠ إلى ٣١]]

﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١)

يقول الله تعالى واعظا نساء النبي اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، واستقر أمرهن تحت رسول الله فناسب أن يخبرهن بحكمهن وتخصيصهن دون سائر النساء بأن من يأت منهن بفاحشة مبينة. قال ابن عباس : وهي النشوز وسوء الخلق، وعلى كل تقدير فهو شرط، والشرط لا يقتضي الوقوع كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] وكقوله ﷿: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ٨٨] ﴿قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ﴾ [الزخرف:٨١] ﴿لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ﴾ [الزمر: ٤] فلما كانت محلتهن رفيعة ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظا صيانة لجنابهن وحجابهن الرفيع، ولهذا قال تعالى: ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ﴾ قال مالك عن زيد بن أسلم ﴿يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ﴾ قال: في الدنيا والآخرة، وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله ﴿وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً﴾ أي سهلا هينا، ثم ذكر عدله


(١) أخرجه مسلم في الطلاق حديث ٢٩، والنسائي في الطلاق باب ٢٦.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>