للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا يزيد حدثنا همام عن يحيى، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم يكن له حسنة يعطى بها خيرا»، انفر بإخراجه مسلم (٢).

[[سورة النحل (١٦): الآيات ٩٨ إلى ١٠٠]]

﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)

هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، وهذا أمر ندب ليس بواجب، حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة. وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطة في أول التفسير، ولله الحمد والمنة.

والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارئ قراءته، ويخلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر، ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة، وحكي عن حمزة وأبي حاتم السجستاني أنها تكون بعد التلاوة، واحتجا بهذه الآية، ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضا ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي والصحيح الأول لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة، والله أعلم.

وقوله: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قال الثوري: ليس له عليهم سلطان أن يوقعهم في ذنب لا يتوبون منه، وقال آخرون: معناه لا حجة له عليهم. وقال آخرون كقوله: ﴿إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾، ﴿إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ قال مجاهد:

يطيعونه، وقال آخرون: اتخذوه وليا من دون الله ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ أي أشركوا في عبادة الله تعالى. أي أشركوه في عبادة الله، ويحتمل أن تكون الباء سببية، أي صاروا بسبب طاعتهم للشيطان مشركين بالله تعالى. وقال آخرون: معناه أنه شركهم في الأموال والأولاد.

[[سورة النحل (١٦): الآيات ١٠١ إلى ١٠٢]]

﴿وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢)

يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وإيقانهم، وأنه لا يتصور منهم الإيمان وقد كتب عليهم الشقاوة، وذلك أنهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا


(١) المسند ٣/ ١٢٣.
(٢) كتاب المنافقين حديث ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>