للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة النمل (٢٧): الآيات ٤٨ إلى ٥٣]]

﴿وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣)

يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر وتكذيب صالح، وآل بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة وهموا بقتل صالح أيضا، بأن يبيتوه في أهله ليلا فيقتلوه غيلة، ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه: إنهم ما علموا بشيء من أمره، وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به من أنهم لم يشاهدوا ذلك فقال تعالى: ﴿وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ﴾ أي مدينة ثمود ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ أي تسعة نفر ﴿يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ﴾ وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود، لأنهم كانوا كبراءهم ورؤساءهم. قال العوفي عن ابن عباس: هؤلاء هم الذين عقروا الناقة (١)، أي الذين صدر ذلك عن رأيهم ومشورتهم قبحهم الله ولعنهم، وقد فعل ذلك. وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس: كان أسماء هؤلاء التسعة: دعمي، ودعيم، وهرما، وهريم، وداب،.

وصواب، ورئاب، ومسطع، وقدار بن سالف عاقر الناقة، أي الذي باشر ذلك بيده، قال الله تعالى: ﴿فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ [القمر: ٢٩] وقال تعالى: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها﴾ [الشمس: ١٢].

وقال عبد الرزاق: أنبأنا يحيى بن ربيعة الصنعاني، سمعت عطاء-هو ابن أبي رباح-يقول ﴿وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ﴾ قال: كانوا يقرضون الدراهم، يعني أنهم كانوا يأخذون منها وكأنهم كانوا يتعاملون بها عددا كما كان العرب يتعاملون. وقال الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض (٢). وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: أن رسول الله نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس (٣). والغرض أن هؤلاء الكفرة الفسقة كان من صفاتهم الإفساد في الأرض، بكل طريق يقدرون عليها، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمة وغير ذلك.

وقوله تعالى: ﴿قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ أي تحالفوا وتابعوا على قتل نبي الله صالح من لقيه ليلا غيلة، فكادهم الله وجعل الدائرة عليهم، قال مجاهد: تقاسموا


(١) انظر تفسير الطبري ٩/ ٥٣٢.
(٢) أخرجه مالك في البيوع حديث ٣٧.
(٣) أخرجه أبو داود في البيوع باب ٤٨، وابن ماجة في التجارات باب ٥٢، وأحمد في المسند ٣/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>