للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد الله في الآخرة الظالمين فأما في الدنيا فقد ناله الظالم فآمن به وأكل وعاش، وكذا قال إبراهيم النخعي وعطاء وعكرمة.

وقال الربيع بن أنس: عهد الله الذي عهد إلى عباده دينه يقول لا ينال دينه الظالمين، ألا ترى أنه قال: ﴿وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات:١١٣] يقول ليس كل ذريتك يا إبراهيم على الحق، وكذا روي عن أبي العالية وعطاء ومقاتل بن حيان.

وقال جويبر (١) عن الضحاك: لا ينال طاعتي عدوّ لي يعصيني ولا أنحلها إلا وليا يطيعني.

وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سعيد الأسدي، حدثنا سليم بن سعيد الدامغاني، أخبرنا وكيع عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب عن النبي قال: ﴿لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ﴾ قال لا طاعة إلا في المعروف، وقال السدي: ﴿لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ﴾ يقول عهدي نبوتي.

فهذه أقوال مفسري السلف في هذه الآية، على ما نقله ابن جرير وابن أبي حاتم رحمهما الله تعالى واختار ابن جرير أن هذه الآية وإن كانت ظاهرة في الخبر، أنه لا ينال عهد الله بالإمامة ظالما، ففيها إعلام من الله لإبراهيم الخليل ، أنه سيوجد من ذريتك من هو ظالم لنفسه كما تقدم عن مجاهد وغيره. والله أعلم. وقال ابن خويز منداد المالكي: الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا شاهدا ولا راويا.

[[سورة البقرة (٢): آية ١٢٥]]

﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)

﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى﴾ قال العوفي: عن ابن عباس قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ﴾ يقول: لا يقضون فيه وطرا، يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: مثابة للناس يقول يثوبون، رواهما ابن جرير (٢).

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا إسرائيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ﴾ قال: يثوبون إليه ثم يرجعون، قال وروي عن أبي العالية وسعيد بن جبير، في رواية وعطاء ومجاهد والحسن وعطية والربيع بن أنس والضحاك نحو ذلك.

وقال ابن جرير (٣): حدثني عبد الكريم بن أبي عمير حدثني الوليد بن مسلم، قال: قال أبو عمرو يعني الأوزاعي، حدثني عبدة بن أبي لبابة في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ﴾


(١) تفسير الطبري ١/ ٥٨١.
(٢) تفسير الطبري ١/ ٥٨١.
(٣) تفسير ابن كثير/ ج/ ١ م ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>