للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة هود (١١): آية ٨٨]]

﴿قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اِسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)

يقول لهم هل رأيتم يا قوم إن كنت ﴿عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ أي على بصيرة فيما أدعو إليه ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً﴾ قيل أراد النبوة وقيل أراد الرزق الحلال ويحتمل الأمرين، وقال الثوري ﴿وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ﴾ أي لا أنهاكم عن الشيء وأخالف أنا في السر فأفعله خفية عنكم كما قال قتادة في قوله ﴿وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ﴾ يقول: لم أكن أنهاكم عن أمر وأرتكبه ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾ أي فيما آمركم وأنهاكم إنما أريد إصلاحكم جهدي وطاقتي ﴿وَما تَوْفِيقِي﴾ أي في إصابة الحق فيما أريده ﴿إِلاّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ في جميع أموري ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أي أرجع قاله مجاهد وغيره.

قال الإمام أحمد (١): حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو قزعة سويد بن حجير الباهلي عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن أخاه مالكا: قال يا معاوية إن محمدا أخذ جيراني فانطلق إليه فإنه قد كلمك وعرفك فانطلقت معه فقال: دع لي جيراني فقد كانوا أسلموا فأعرض عنه فقام مغضبا فقال: أما والله لئن فعلت إن الناس يزعمون أنك لتأمرنا بالأمر وتخالف إلى غيره وجعلت أجره وهو يتكلم فقال رسول الله : «ما تقول؟» فقال: إنك والله لئن فعلت ذلك إن الناس ليزعمون أنك لتأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. قال: فقال «أو قد قالوها-أي قائلهم-ولئن فعلت ما ذاك إلا عليّ وما عليهم من ذلك من شيء أرسلوا له جيرانه».

وقال أيضا (٢): حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: أخذ النبي ناسا من قومي في تهمة فحبسهم فجاء رجل من قومي إلى رسول الله وهو يخطب فقال: يا محمد علام تحبس جيراني؟ فصمت رسول الله فقال: إن ناسا ليقولون إنك تنهى عن الشيء وتستخلي به فقال النبي : «ما تقول؟» قال: فجعلت أعرض بينهما كلاما مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدها أبدا فلم يزل رسول الله حتى فهمها فقال: «قد قالوها أو قائلها منهم والله لو فعلت لكان عليّ وما كان عليهم خلوا عن جيرانه».

ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٣) حدثنا أبو عامر حدثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري قال سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولون عنه إنه قال: «إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه» إسناده صحيح.


(١) المسند ٤/ ٤٤٧.
(٢) المسند ٥/ ٢.
(٣) المسند ٣/ ٤٩٧، ٥/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>