للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيامة، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان» (١) والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفيا لا يطلع عليه الناس، فيوم القيامة يصير علما منشورا على صاحبه بما فعل.

[[سورة الأنعام (٦): آية ١٢٥]]

﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)

يقول تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ أي ييسره له وينشطه ويسهله، لذلك فهذه علامات على الخير، كقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢] الآية، وقال تعالى: ﴿وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: ٧] وقال ابن عباس : في قوله ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ يقول تعالى: يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به، وكذا قال أبو مالك وغير واحد وهو ظاهر.

وقال عبد الرزاق، أخبرنا الثوري عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر، قال، سئل رسول الله أي المؤمنين أكيس؟ قال «أكثرهم ذكرا للموت وأكثرهم لما بعده استعدادا» قال: وسئل النبي عن هذه الآية ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال «نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح» قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال «الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت» (٢) وقال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا قبيصة عن سفيان يعني الثوري، عن عمرو بن مرة، عن رجل يكنى أبا جعفر كان يسكن المدائن، قال: سئل النبي ، عن قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ فذكر نحو ما تقدم (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن إدريس، عن الحسن بن الفرات القزاز، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر، قال: قال رسول الله ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ قال رسول الله «إذا دخل الإيمان القلب انفسح له القلب وانشرح» قالوا: يا رسول الله هل لذلك من أمارة؟ قال «نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت» وقد رواه ابن جرير: عن سوار بن عبد الله العنبري، حدثنا المعتمر بن سليمان، سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن مرة، عن أبي جعفر


(١) صحيح مسلم (جهاد حديث ٨، ١٠ - ١٧) وصحيح البخاري (جزية باب ٢٢ وأدب باب ٩٩ وحيل باب ٩ وفتن باب ٢١)
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٣٣٦.
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>