للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا» صدق صلوات الله وسلامه عليه. وفي الحديث أيضا، المروي عن عائشة قالت: قال رسول الله «قال لي جبريل قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم» رواه الحاكم والبيهقي.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا أبو بكر، حدثنا عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ. وقال أحمد (٢): حدثنا شجاع بن الوليد، قال: ذكر قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن سلمان، قال: قال لي رسول الله «يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك» قلت: يا رسول الله كيف أبغضك وبك هدانا الله؟ قال «تبغض العرب فتبغضني» وذكر ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية: ذكر عن محمد بن منصور الجواز، حدثنا سفيان عن أبي حسين قال: أبصر رجل ابن عباس وهو داخل من باب المسجد، فلما نظر إليه راعه فقال: من هذا؟ قالوا ابن عباس ابن عم رسول الله فقال «الله أعلم حيث يجعل رسالته» (٣).

وقوله تعالى: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ﴾ الآية، هذا وعيد شديد من الله، وتهديد أكيد لمن تكبر عن اتباع رسله والانقياد لهم فيما جاءوا به، فإنه سيصيبه يوم القيامة بين يدي الله صغار وهو الذلة الدائمة، لما أنهم استكبروا فأعقبهم ذلك ذلا يوم القيامة لما استكبروا في الدنيا، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠] أي صاغرين ذليلين حقيرين.

وقوله تعالى: ﴿وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ﴾ لما كان المكر غالبا إنما يكون خفيا، وهو التلطف في التحيل والخديعة، قوبلوا بالعذاب الشديد من الله يوم القيامة، جزاء وفاقا، ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ﴾ [الطارق: ٩] أي تظهر المستترات والمكنونات والضمائر.

وجاء في الصحيحين عن رسول الله ، أنه قال «ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم


(١) مسند أحمد ١/ ٣٧٩.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٤٤٠.
(٣) الدر المنثور ٣/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>