للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيسر يقولون هذه السجدة التي رفعت بها العقوبة قال أبو بكر: فلما نشر الألواح فيها كتاب الله كتبه بيده لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز فليس اليوم يهودي على وجه الأرض صغير ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونفض لها رأسه (١) أي حوّل كما قال تعالى ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ﴾ [الإسراء: ٥١] والله أعلم.

[[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٧٢ إلى ١٧٤]]

﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤)

يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه قال تعالى ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ [الروم: ٣٠] وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «كل مولود يولد على الفطرة» وفي رواية «على هذه الملة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تولد بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء» (٢).

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله «يقول الله إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم» (٣).

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير (٤) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أخبرني السري بن يحيى أن الحسن بن أبي الحسن حدثهم عن الأسود بن سريع من بني سعد قال غزوت مع رسول الله أربع غزوات قال فتناول القوم الذرية بعد ما قتلوا المقاتلة فبلغ ذلك رسول الله فاشتد عليه ثم قال «ما بال أقوام يتناولون الذرية» فقال رجل يا رسول الله أليسوا أبناء المشركين؟ فقال «إن خياركم أبناء المشركين ألا إنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها فأبواها يهودانها وينصرانها» قال الحسن والله لقد قال الله في كتابه ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ الآية.

وقد رواه الإمام أحمد (٥) عن إسماعيل ابن علية عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري به، وأخرجه النسائي في سننه من حديث هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن قال حدثني


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٠٩.
(٢) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٧٩، ومسلم في القدر حديث ٢٢، ٢٤.
(٣) أخرجه مسلم في الجنة حديث ٦٣.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ١١٢.
(٥) المسند ٣/ ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>