المساءة لبني إسرائيل ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا﴾ ووعدهم بالعاقبة وأن الدار ستصير لهم في قوله ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا﴾ أي قد فعلوا بنا مثل ما رأيت من الهوان والإذلال من قبل ما جئت يا موسى ومن بعد ذلك فقال منبها لهم على حالهم الحاضر وما يصيرون إليه في ثاني الحال ﴿عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ﴾ الآية، وهذا تخصيص لهم على العزم على الشكر عند حلول النعم وزوال النقم.
[[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٣٠ إلى ١٣١]]
﴿وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣١)﴾
يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ أي اختبرناهم وامتحناهم وابتليناهم ﴿بِالسِّنِينَ﴾ وهي سني الجوع بسبب قلة الزروع ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ﴾ قال مجاهد وهو دون ذلك وقال أبو إسحاق عن رجاء بن حيوة كانت النخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ﴾ أي من الخصب والرزق ﴿قالُوا لَنا هذِهِ﴾ أي هذا لنا بما نستحقه ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ أي جدب وقحط ﴿يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ﴾ أي هذا بسببهم وما جاءوا به.
﴿أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ﴾ يقول مصائبهم عند الله ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (١) وقال ابن جريج عن ابن عباس قال ﴿أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ﴾ أي إلا من قبل الله.
[[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٣٢ إلى ١٣٥]]
﴿وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣) وَلَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥)﴾
هذا إخبار من الله ﷿ عن تمرد قوم فرعون وعتوهم وعنادهم للحق وإصرارهم على الباطل في قولهم ﴿مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ يقولون أي آية جئتنا بها ودلالة وحجة أقمتها رددناها فلا نقبلها منك ولا نؤمن بك ولا بما جئت به قال الله تعالى:
﴿فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ﴾ اختلفوا في معناه فعن ابن عباس في رواية كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزروع والثمار وبه قال الضحاك بن مزاحم، وعن ابن عباس في رواية أخرى هو كثرة الموت وكذا قال عطاء، وقال مجاهد: الطوفان الماء والطاعون على كل حال.
(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٣١.