للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلاف أسير ما بين صبي وامرأة، فرده عليهم وقسم الأموال بين الغانمين ونفل أناسا من الطلقاء لكي يتألف قلوبهم على الإسلام فأعطاهم مائة من الإبل وكان من جملة من أعطى مائة مالك بن عوف النّصري واستعمله على قومه كما كان فامتدحه بقصيدته التي يقول فيها: [الطويل] ما إن رأيت ولا سمعت بمثله … في الناس كلهم بمثل محمد (١)

أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى … ومتى تشأ يخبرك عما في غد

وإذا الكتيبة عرّدت أنيابها … بالسمهري وضرب كل مهنّد

فكأنه ليث على أشباله … وسط المباءة خادر في مرصد

[[سورة التوبة (٩): الآيات ٢٨ إلى ٢٩]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩)

أمر تعالى عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين الذين هم نجس دينا عن المسجد الحرام وأن لا يقربوه بعد نزول هذه الآية وكان نزولها في سنة تسع ولهذا بعث رسول الله عليا صحبة أبي بكر عامئذ وأمره أن ينادي في المشركين أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. فأتم الله ذلك وحكم به شرعا وقدرا.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا﴾ إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة (٢). وقد روي مرفوعا من وجه آخر فقال الإمام أحمد (٣): حدثنا حسين حدثنا شريك عن الأشعث يعني ابن سوار عن الحسن عن جابر قال: قال رسول الله :

«لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمهم» تفرد به الإمام أحمد مرفوعا والموقوف أصح إسنادا.

وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي، كتب عمر بن عبد العزيز أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين وأتبع نهيه قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ وقال عطاء: الحرم كله مسجد لقوله تعالى: ﴿فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا﴾.

ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك كما ورد في الصحيح «المؤمن لا ينجس» (٤) وأما


(١) الأبيات في سيرة ابن هشام ٢/ ٤٩١.
(٢) انظر تفسير الطبري ٦/ ٣٤٨.
(٣) المسند ٣/ ٣٩٢.
(٤) أخرجه البخاري في الغسل باب ٢٣، ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>