للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبَارَكِ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَارَقَهَا وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ» قَالَ: وَقَالَ أَنَسٌ: هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَبَلَّغُوهُ عَنْ رَبِّهِمْ قَبْلَ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي آخِرِ مَا أُنْزِلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ قَالَ: تَوْبَتُهُمْ خَلْعُ الْأَوْثَانِ وَعِبَادَةُ رَبِّهِمْ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، ثُمَّ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ [التَّوْبَةِ: ١١] وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا حكام بن سلمة، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ بِهِ سَوَاءً.

وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ الَّتِي قَالَ فِيهَا الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ: إِنَّهَا نَسَخَتْ كُلَّ عَهْدٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أحد من المشركين وكل عقد وَكُلَّ مُدَّةٍ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وَلَا ذِمَّةٌ مُنْذُ نَزَلَتْ بَرَاءَةُ، وَانْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَمُدَّةُ مَنْ كَانَ لَهُ عهد من المشركين قبل أن تنزل براءة أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، مِنْ يَوْمِ أُذِّنَ بِبَرَاءَةَ إِلَى عَشْرٍ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عباس فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ عَاهَدَ إِنْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَنَقْضِ مَا كَانَ سَمَّى لهم من العهد وَالْمِيثَاقِ، وَأَذْهَبَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأنصاري قال: قال سفيان بن عيينة: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ سَيْفٍ في المشركين من العرب، قال الله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصَرًا، وَأَظُنُّ أَنَّ السَّيْفَ الثَّانِيَ هو قتال أهل الكتاب لقوله تَعَالَى: قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ [التَّوْبَةِ: ٢٩] وَالسَّيْفُ الثَّالِثُ قِتَالُ الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ [التوبة: ٧٣ والتحريم: ٩] الآية، وَالرَّابِعُ قِتَالُ الْبَاغِينَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الْحُجُرَاتِ: ٩] ثُمَّ اخْتَلَفَ المفسرون في آية السيف هذه فقال


(١) تفسير الطبري ٦/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>