للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ كُنْتَ سَرِيعًا بِي إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا بِي عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ-.

قَالَ- وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَلْعَنُهُ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْصِي اللَّهَ عَلَيْهَا، وَتَنْطَلِقُ جُنُودُ إِبْلِيسَ إِلَيْهِ فَيُبَشِّرُونَهُ بِأَنَّهُمْ قَدْ أَوْرَدُوا عَبْدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ النَّارَ، قَالَ: فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ضُيِّقَ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ حَتَّى تَدْخُلَ الْيُمْنَى فِي الْيُسْرَى وَالْيُسْرَى فِي الْيُمْنَى، قَالَ: وَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ أَفَاعِيَ دُهْمًا كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ، يَأْخُذْنَ بِأَرْنَبَتِهِ وَإِبْهَامَيْ قَدَمَيْهِ فَيَقْرِضْنَهُ حَتَّى يَلْتَقِينَ فِي وَسَطِهِ، قَالَ: وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي وَأَنْفَاسُهُمَا كَاللَّهَبِ يَطَآنِ فِي أَشْعَارِهِمَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمَا مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهُمَا الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ، يُقَالُ لَهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، في يد كل واحد منهما مطرقة لو اجْتَمَعَ عَلَيْهَا رَبِيعَةُ وَمُضَرُ لَمْ يُقِلُّوهَا، قَالَ فيقولان له اجلس فيستوي جالسا وتقع أكفانه في حقويه.

قال فيقولان له: مَنْ رَبُّكَ، وَمَا دِينُكَ، وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لا أدري، فيقولان له:

لا دريت ولا تليت، فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً يَتَطَايَرُ شَرَرُهَا فِي قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودَانِ، قَالَ: فَيَقُولَانِ: انْظُرْ فَوْقَكَ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا باب مفتوح من الجنة، فيقولان: عدو الله هذا مَنْزِلُكَ لَوْ أَطَعْتَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ لَا تَرْتَدُّ أَبَدًا» . - قَالَ- وَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ تَحْتَكَ فَيَنْظُرُ تَحْتَهُ فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى النار- فيقولان له: عَدُوَّ اللَّهِ هَذَا مَنْزِلُكَ إِذْ عَصَيْتَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ لَا تَرْتَدُّ أَبَدًا» .

قَالَ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَيُفْتَحُ لَهُ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا إلى النار يأتيه حَرِّهَا وَسَمُومِهَا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جَدًّا، وَسِيَاقٌ عَجِيبٌ، وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ رَاوِيهِ عَنْ أَنَسٍ لَهُ غَرَائِبُ وَمُنْكَرَاتٌ، وَهُوَ ضَعِيفُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ هُوَ ابْنُ يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» «١» تفرد بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ الآية، حديثا مطولا جدا من طرق غَرِيبَةٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَفِيهِ غرائب أيضا.

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)


(١) أخرجه أبو داود في الجنائز باب ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>