للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعمر أبيها إن همدان تتقي الإله … ويقضي بالكتاب خطيبها (١)

وروى ابن جرير (٢) من طريق سفيان الثوري عن السدي، ومن طريق أشعث، كلاهما عن عامر الشعبي قال: جاء رجل من مراد إلى أبي موسى وهو على الكوفة في إمارة عثمان بعد ما صلّى المكتوبة، فقال: يا أبا موسى هذا مقام العائذ بك، أنا فلان ابن فلان المرادي، وإني كنت حاربت الله ورسوله وسعيت في الأرض فسادا، وإني تبت من قبل أن تقدروا عليّ، فقام أبو موسى فقال: إن هذا فلان ابن فلان، وإنه كان حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا، وإنه تاب من قبل أن نقدر عليه فمن لقيه فلا يعرض له إلا بخير، فإن يك صادقا فسبيل من صدق، وإن يك كاذبا تدركه ذنوبه، فأقام الرجل ما شاء الله، ثم إنه خرج فأدركه الله تعالى بذنوبه فقتله، ثم قال ابن جرير (٣): حدثني علي، حدثنا الوليد بن مسلم قال:

قال الليث: وكذلك حدثني موسى بن إسحاق المدني، وهو الأمير عندنا، أن عليا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال فطلبه الأئمة والعامة، فامتنع ولم يقدروا عليه حتى جاء تائبا، وذلك أنه سمع رجلا يقرأ هذه الآية ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣] فوقف عليه فقال:

يا عبد الله أعد قراءتها فأعادها عليه، فغمد سيفه، ثم جاء تائبا حتى قدم المدينة من السحر، فاغتسل ثم أتى مسجد رسول الله فصلى الصبح ثم قعد إلى أبي هريرة في أغمار أصحابه، فلما أسفروا عرفه الناس فقاموا إليه فقال: لا سبيل لكم علي جئت تائبا من قبل أن تقدروا علي، فقال أبو هريرة: صدق، وأخذ بيده حتى أتى مروان بن الحكم وهو أمير على المدينة في زمن معاوية فقال: هذا علي جاء تائبا ولا سبيل لكم عليه ولا قتل، فترك من ذلك كله، قال وخرج علي تائبا مجاهدا في سبيل الله في البحر، فلقوا الروم فقربوا سفينته إلى سفينة من سفنهم فاقتحم على الروم في سفينتهم فهربوا منه إلى شقها الآخر (٤)، فمالت به وبهم فغرقوا جميعا.

[[سورة المائدة (٥): الآيات ٣٥ إلى ٣٧]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ وَاِبْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧)


(١) البيتان في تفسير الطبري ٤/ ٥٦٢ وفيه «أبلغن» مكان «بلغن».
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٥٦٣.
(٣) تفسير الطبري ٤/ ٥٦٤.
(٤) عبارة الطبري: «فهزموا منه إلى سفينتهم الأخرى».

<<  <  ج: ص:  >  >>