للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير (١): حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو حمزة، عن الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال هو قول الأعاجم هزار سال نوروز مهرجان (٢) وقال مجاهد ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: حببت إليهم الخطيئة طول العمر، وقال مجاهد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس ﴿وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾ أي وما هو بمنجيه من العذاب، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي، بما ضيع ما عنده من العلم، وقال عوفي عن ابن عباس ﴿وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾ قال: هم الذين عادوا جبرائيل، قال أبو العالية وابن عمر: فما ذاك بمغيثه من العذاب، ولا منجيه منه. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية: يهود أحرص على الحياة من هؤلاء، وقد ودّ هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة، وليس بمزحزحه من العذاب لو عمر كما أن عمر إبليس لم ينفعه إذ كان كافرا، ﴿وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ أي خبير بصير بما يعمل عباده من خير وشر، وسيجازي كل عامل بعمله.

[[سورة البقرة (٢): الآيات ٩٧ إلى ٩٨]]

﴿قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨)

قال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري (٣) : أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدوّ لهم، وأن ميكائيل ولي لهم، ثم اختلفوا في السبب الذي من أجله قالوا ذلك، فقال بعضهم: إنما كان سبب قيلهم ذلك، من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله في أمر نبوته. (ذكر من قال ذلك) (٤) حدثنا أبو كريب، حدثنا يونس بن بكير عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، أنه قال: حضرت عصابة من اليهود رسول الله ، فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك، عنهن لا يعلمهن إلا نبي، فقال رسول الله : «سلوا عما شئتم، ولكن اجعلوا لي


(١) تفسير الطبري ٢/ ٣٧٢؛ طبعة دار المعارف بتحقيق محمود محمد شاكر)
(٢) في الطبري: «هو قول الأعاجم: سال زه نوروز مهرجان حر» قال الأستاذ شاكر في تعليقه: سألت أحد أصحابنا ممن يعرف الفارسية فقال: إن هذا النص لا ينطبق على قواعد الفارسية، وأنه يظن أن صوابها «زه در مهرجان نوروز هزار سال». ومعنى «زه»: عش. و «در» ظرف معنى «في». ومهرجان هو عيد لهم. ونيروز: عيد آخر في أول السنة. «وهزار»: ألف. وسال: سنة. فكأن «حر» التي في آخر الكلام في نص الطبري هي «در» مصحفة. وباقي النصوص الفارسية صحيح، ومعناه: عش ألف سنة.
(٣) تفسير الطبري ١/ ٤٧٦.
(٤) هذه عبارة الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>