وقال تعالى هاهنا: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ قال ابن جرير (١): سنبين أمره بيانا واضحا حتى يعرفوه ولا يخفى عليهم كما لا تخفى عليهم السمة على الخراطيم، وهكذا قال قتادة:
﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ شين لا يفارقه آخر ما عليه، وفي رواية عنه. سيما على أنفه، وكذا قال السدي وقال العوفي عن ابن عباس ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال.
وقال آخرون ﴿سَنَسِمُهُ﴾ سمة أهل النار يعني نسود وجهه يوم القيامة وعبر عن الوجه بالخرطوم. حكى ذلك كله أبو جعفر بن جرير، ومال إلى أنه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدنيا والآخرة وهو متجه.
وقد قال ابن أبي حاتم في سورة ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ﴾ [النبأ: ١] حدثنا أبي حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثني خالد بن سعيد عن عبد الملك بن عبد الله، عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله ﷺ أنه قال:«إن العبد يكتب مؤمنا أحقابا ثم أحقابا ثم يموت والله عليه ساخط، وإن العبد يكتب كافرا أحقابا ثم أحقابا ثم يموت والله عليه راض، ومن مات همازا لمازا ملقبا للناس كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشفتين».
هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعم الجسيمة، وهو بعثة محمد ﷺ إليهم فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنّا بَلَوْناهُمْ﴾ أي اختبرناهم ﴿كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ﴾ وهي البستان المشتمل على