﴿أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ﴾ أي بكم ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ﴾ أي خلق هذا وهذا ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ أي في الليل ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي في النهار بالأسفار والترحال، والحركات والأشغال، وهذا من باب اللف والنشر. وقوله: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار، أو بالنهار استدركه بالليل، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً﴾ [الفرقان: ٦٢] والآيات في هذا كثيرة.
وهذا أيضا نداء ثان على سبيل التوبيخ والتقريع لمن عبد مع الله إلها آخر، يناديهم الرب تعالى على رؤوس الأشهاد فيقول: ﴿أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أي في دار الدنيا ﴿وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً﴾ قال مجاهد: يعني رسولا ﴿فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ﴾ أي على صحة ما ادعيتموه من أن لله شركاء ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلّهِ﴾ أي لا إله غيره، فلم ينطقوا ولم يحيروا جوابا ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي ذهبوا فلم ينفعوهم.
قال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال ﴿إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى﴾ قال: كان ابن عمه (١)، وهكذا قال إبراهيم النخعي وعبد الله بن الحارث بن نوفل وسماك بن حرب وقتادة ومالك بن دينار وابن جريج وغيرهم أنه كان ابن عم موسى ﵇. قال ابن جريج: هو قارون بن يصهر بن قاهث وموسى بن عرمان بن قاهث. وزعم محمد بن إسحاق بن يسار أن قارون كان عم موسى بن عمران ﵇، قال ابن جريج:
وأكثر أهل العلم على أنه كان ابن عمه، والله أعلم. وقال قتادة بن دعامة: كنا نحدث أنه كان ابن عم موسى، وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه البغي لكثرة ماله. وقال شهر بن حوشب: زاد في ثيابه شبرا طولا ترفعا على قومه.
وقوله: ﴿وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ﴾ أي الأموال ﴿ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ أي