للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي زاد على الحد بإذن الله ﴿حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ﴾ ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت، فذلك قوله تعالى: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ أي عتت على الخزان، ولهذا قال تعالى ممتنا على الناس: ﴿إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ﴾ وهي السفينة الجارية على وجه الماء ﴿لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾ عاد الضمير على الجنس لدلالة المعنى عليه أي وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار كما قال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ﴾ [الزخرف: ١٣ - ١٤].

وقال تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ﴾ [يس: ٤١ - ٤٢] وقال قتادة: أبقى الله السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة، والأول أظهر ولهذا قال تعالى: ﴿وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ أي وتفهم هذه النعمة وتذكرها أذن واعية، قال ابن عباس: حافظة سامعة. وقال قتادة: ﴿أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله، وقال الضحاك ﴿وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ سمعتها أذن ووعت أي من له سمع صحيح وعقل رجيح، وهذا عام في كل من فهم ووعى.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي، حدثنا زيد بن يحيى، حدثنا علي بن حوشب: سمعت مكحولا يقول: لما نزل على رسول الله ﴿وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ قال رسول الله : «سألت ربي أن يجعلها أذن علي» قال مكحول: فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله شيئا قط فنسيته، وهكذا رواه ابن جرير عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب عن مكحول به وهو حديث مرسل.

وقد قال ابن أبي حاتم أيضا: حدثنا جعفر بن محمد بن عامر، حدثنا بشر بن آدم، حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد يعني والد أبي أحمد الزبيري، حدثني صالح بن الهيثم: سمعت بريدة الأسلمي يقول: قال رسول الله لعلي «إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي» قال: فنزلت هذه الآية ﴿وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ ورواه ابن جرير عن محمد بن خلف عن بشر بن آدم به. ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن أبي داود الأعمى عن بريدة به ولا يصح أيضا.

[[سورة الحاقة (٦٩): الآيات ١٣ إلى ١٨]]

﴿فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥) وَاِنْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨)

يقول تعالى مخبرا عن أهوال يوم القيامة وأول ذلك نفخة الفزع ثم يعقبها نفخة الصعق حين

<<  <  ج: ص:  >  >>