للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على العرقوب» وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القزاز، حدثنا الخضر بن علي بن يونس القطان، حدثنا عمر بن أبي الحارث بن الخضر القطان، حدثنا سعيد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله في قول الله تعالى: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ﴾ قال: تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم.

وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِيها كالِحُونَ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني عابسون (١). وقال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود ﴿وَهُمْ فِيها كالِحُونَ﴾ قال: ألم تر إلى الرأس المشيط الذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه (٢). وقال الإمام أحمد (٣): أخبرنا علي بن إسحاق أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك ، أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال: ﴿وَهُمْ فِيها كالِحُونَ﴾ -قال-تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته» (٤) ورواه الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به، وقال: حسن غريب.

[[سورة المؤمنون (٢٣): الآيات ١٠٥ إلى ١٠٧]]

﴿أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥) قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ (١٠٧)

هذا تقريع من الله وتوبيخ لأهل النار على ما ارتكبوه من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم التي أوبقتهم في ذلك، فقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ أي قد أرسلت إليكم الرسل، وأنزلت عليكم الكتب، وأزلت شبهكم، ولم يبق لكم حجة، كما قال تعالى: ﴿لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥] وقال تعالى: ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: ١٥] وقال تعالى: ﴿كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ -إلى قوله- ﴿فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ٨ - ١١] ولهذا قالوا: ﴿رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ﴾ أي قد قامت علينا الحجة، ولكن كنا أشقى من أن ننقاد لها ونتبعها، فضللنا عنها ولم نرزقها. ثم قالوا: ﴿رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ﴾ أي ارددنا إلى الدنيا، فإن عدنا إلى ما سلف منا فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة، كما قال:

﴿فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ -إلى قوله- ﴿فَالْحُكْمُ لِلّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ [غافر:

١١ - ١٢] أي لا سبيل إلى الخروج لأنكم كنتم تشركون بالله إذا وحده المؤمنون.


(١) انظر تفسير الطبري ٩/ ٢٤٦.
(٢) انظر تفسير الطبري ٩/ ٢٤٦.
(٣) المسند ٣/ ٨٨.
(٤) أخرجه الترمذي في جهنم باب ٥، وتفسير سورة ٢٣، باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>