وإني أيها الناس فرط لكم إذا جئتم» قال رجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، فأقول لهم: أما النسب فقد عرفت ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى» وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من طرق متعددة عنه ﵁ أنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ﵄ قال: أما والله ما بي إلا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» رواه الطبراني والبزار والهيثم بن كليب والبيهقي، والحافظ الضياء في المختارة وذكر أنه أصدقها أربعين ألفا إعظاما وإكراما ﵁.
فقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله ﷺ من طريق أبي القاسم البغوي: حدثنا سليمان بن عمر بن الأقطع، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله ﷺ:
«كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري» وروي فيها من طريق عمار بن سيف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا «سألت ربي ﷿ أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلي أحد منهم إلا كان معي في الجنة فأعطاني ذلك» ومن حديث عمار بن سيف عن إسماعيل عن عبد الله بن عمرو.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ أي من رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة، قاله ابن عباس، ﴿فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ أي الذين فازوا فنجوا من النار وأدخلوا الجنة، وقال ابن عباس: أولئك الذين فازوا بما طلبوا، ونجوا من شر ما منه هربوا ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ أي ثقلت سيئاته على حسناته ﴿فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ أي خابوا وهلكوا وفازوا بالصفقة الخاسرة. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدثنا داود بن المحبر، حدثنا صالح المري عن ثابت البناني وجعفر بن زيد ومنصور بن زاذان عن أنس بن مالك يرفعه قال: إن الله ملكا موكلا بالميزان، فيؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان، فإن ثقل ميزانه نادى ملك بصوت يسمعه الخلائق: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن خف ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا، إسناده ضعيف فإن داود بن المحبر ضعيف متروك، ولهذا قال تعالى:
﴿فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ﴾ أي ماكثون فيها دائمون مقيمون فلا يظعنون ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النّارُ﴾ [إبراهيم: ٥٠] وقال تعالى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنبياء: ٣٩] الآية.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن أبي سنان ضرار بن مرة عن عبد الله بن أبي الهذيل عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إن جهنم لما سيق لها أهلها تلقاهم لهبها، ثم تلفحهم لفحة فلم يبق لهم لحم إلا سقط