وعليه توكلنا في جميع أمورنا كما قال تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣] ولهذا قال تعالى: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ أي منا ومنكم ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة.
ثم قال تعالى إظهارا للرحمة في خلقه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً﴾ أي ذاهبا في الأرض إلى أسفل فلا ينال بالفؤوس الحداد ولا السواعد الشداد، والغائر عكس النابع ولهذا قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ﴾ أي نابع سائح جار على وجه الأرض، أي لا يقدر على ذلك إلا الله ﷿ فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة، فلله الحمد والمنة.
قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة وأن قوله تعالى: ﴿ن﴾ كقوله ﴿ص﴾. ﴿ق﴾ ونحو ذلك من الحروف المقطعة في أوائل السور، وتحرير القول في ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا، وقيل: المراد بقوله ﴿ن﴾ حوت عظيم على تيار الماء العظيم المحيط، وهو حامل للأرضين السبع كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير (١): حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان هو الثوري، حدثنا سليمان هو الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال:
أول ما خلق الله القلم قال: اكتب. قال: وماذا أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون ورفع بخار الماء ففتقت منه السماء وبسطت الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال فإنها لتفخر على الأرض، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن سنان عن أبي معاوية عن الأعمش به، وهكذا رواه شعبة ومحمد بن فضيل ووكيع عن الأعمش به.
وزاد شعبة في روايته ثم قرأ ﴿ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ﴾ وقد رواه شريك عن الأعمش عن أبي ظبيان أو مجاهد عن ابن عباس فذكر نحوه، ورواه معمر عن الأعمش أن ابن عباس قال: