للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ وَلَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٣ - ١٣٥].

[[سورة الزخرف (٤٣): الآيات ٥١ إلى ٥٦]]

﴿وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤) فَلَمّا آسَفُونا اِنْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦)

يقول تعالى مخبرا عن فرعون وتمرده وعتوه وكفره وعناده، أنه جمع قومه فنادى فيهم متبجحا مفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ قال قتادة: قد كانت لهم جنات وأنهار ماء (١) ﴿أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ أي أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك، يعني وموسى وأتباعه فقراء ضعفاء وهذا كقوله تعالى: ﴿فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى﴾ [النازعات: ٢٣ - ٢٥].

وقوله: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ قال السدي: يقول بل أنا خير من هذا الذي هو مهين (٢)، وهكذا قال بعض نحاة البصرة: إن أم هاهنا بمعنى بل، ويؤيد هذا ما حكاه الفراء عن بعض القراء أنه قرأها «أما أنا خير من هذا الذي هو مهين» قال ابن جرير (٣): ولو صحت هذه القراءة لكان معناها صحيحا واضحا، ولكنها خلاف قراءة الأمصار فإنهم قرءوا ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ على الاستفهام [قلت] وعلى كل تقدير فإنما يعني فرعون لعنه الله بذلك أنه خير من موسى ، وقد كذب في قوله هذا كذبا بينا واضحا، فعليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. ويعني بقوله ﴿مَهِينٌ﴾ كما قال سفيان حقير، وقال قتادة والسدي:

يعني ضعيف. وقال ابن جرير: يعني لا ملك له ولا سلطان ولا مال ﴿وَلا يَكادُ يُبِينُ﴾ يعني لا يكاد يفصح عن كلامه فهو عيي حصر.

قال السدي ﴿لا يَكادُ يُبِينُ﴾ أي لا يكاد يفهم. وقال قتادة والسدي وابن جرير: يعني عيي اللسان، وقال سفيان: يعني في لسانه شيء من الجمرة حين وضعها في فيه وهو صغير، وهذا الذي قاله فرعون لعنه الله كذب واختلاق، وإنما حمله على هذا الكفر والعناد وهو ينظر إلى موسى بعين كافرة شقية، وقد كان موسى من الجلالة والعظمة


(١) انظر تفسير الطبري ١١/ ١٩٥.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ١٩٥.
(٣) تفسير الطبري ١١/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>