الجرائم العود إلى الدنيا وتحسروا على تصديق آيات الله واتباع رسله قال الله ﷾:
﴿بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ﴾ أي قد جاءتك أيها العبد النادم على ما كان منه آياتي في الدار الدنيا وقامت حججي عليك فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها وكنت من الكافرين بها الجاحدين لها.
يخبر تعالى عن يوم القيامة أنه تسود فيه وجوه وتبيض فيه وجوه، تسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف، وتبيض وجوه أهل السنة والجماعة قال تعالى هاهنا: ﴿وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ﴾ أي في دعواهم له شريكا وولدا ﴿وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ أي بكذبهم وافترائهم وقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ أي أليست جهنم كافية لهم سجنا وموئلا لهم فيها الخزي والهوان بسبب تكبرهم وتجبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق.
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا عيسى بن أبي عيسى الخياط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار حتى يدخلوا سجنا من النار في واد يقال له بولس من نار الأنيار ويسقون من عصارة أهل النار ومن طينة الخبال». وقوله ﵎: ﴿وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ﴾ أي بما سبق لهم من السعادة والفوز عند الله ﴿لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ﴾ أي يوم القيامة ﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أي ولا يحزنهم الفزع الأكبر بل هم آمنون من كل فزع مزحزحون عن كل شر مؤملون كل خير.
يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها وربها ومليكها والمتصرف فيها وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته، وقوله ﷿: ﴿لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال مجاهد: المقاليد هي المفاتيح بالفارسية، وكذا قال قتادة وابن زيد وسفيان بن عيينة، وقال السدي ﴿لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي خزائن السموات والأرض، والمعنى على كلا القولين أن أزمة الأمور بيده ﵎ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولهذا قال جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ﴾ أي حججه وبراهينه ﴿أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾.