للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخَفْضِ السَّاعَةِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ النَّوْصُ التَّأَخُّرُ والبوص التقدم، ولهذا قال تبارك وتعالى: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ أَيْ لَيْسَ الْحِينُ حِينَ فرار ولا ذهاب والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٤ الى ١١]

وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هَذَا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) مَا سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨)

أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ مَا هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١)

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ في تعجبهم من بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيرا ونذيرا كما قال عَزَّ وَجَلَّ: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَساحِرٌ مُبِينٌ [يونس: ٢] وقال جل وعلا هَاهُنَا:

وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ أَيْ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً أَيْ أَزَعَمَ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؟ أَنْكَرَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَعَجَّبُوا مِنْ تَرْكِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ تَلَقَّوْا عَنْ آبَائِهِمْ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُهُمْ فَلَمَّا دَعَاهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الإله بالوحدانية أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ

وَهُمْ سَادَتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ وَرُؤَسَاؤُهُمْ وكبراؤهم قائلين امْشُوا أَيِ اسْتَمِرُّوا عَلَى دِينِكُمْ وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ وَلَا تَسْتَجِيبُوا لِمَا يَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ من التوحيد، وقوله تعالى: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرادُ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» إِنَّ هَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوْحِيدِ لَشَيْءٌ يُرِيدُ بِهِ الشَّرَفَ عَلَيْكُمْ وَالِاسْتِعْلَاءَ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه.

[[ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمة]]

قال السدي إن ناسا مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فِي نَفَرٍ مِنْ مشيخة قريش فقال بعضهم لبعض


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>