للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألف، فلما أكثر عليه قال: والله لا أشتريه منك بشيء أبدا، وأبى أن يوقظ أباه، فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة، فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة، وأبصروا البقرة عنده فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة، فأبى، فأعطوه اثنتين فأبى، فزادوه حتى بلغوا عشرا، فقالوا:

والله لا نتركك حتى نأخذها منك، فانطلقوا به إلى موسى ، فقالوا: يا نبي الله، إنا وجدناها عند هذا وأبى أن يعطيناها وقد أعطيناه ثمنا، فقال له موسى: أعطهم بقرتك، فقال يا رسول الله، أنا أحق بمالي، فقال: صدقت، وقال للقوم: أرضوا صاحبكم فأعطوه وزنها ذهبا، فأبى فأضعفوه له حتى أعطوه وزنها عشر مرات ذهبا، فباعهم إياها وأخذ ثمنها، فقال:

اذبحوها فذبحوها، قال: اضربوه ببعضها، فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين، فعاش، فسألوه:

من قتلك؟ فقال لهم: ابن أخي، قال: أقتله فآخذ ماله وأنكح ابنته. فأخذوا الغلام فقتلوه.

وقال سنيد: حدثنا حجاج هو ابن محمد، عن ابن جريج، عن مجاهد وحجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس-دخل حديث بعضهم في حديث بعض-، قالوا: إن سبطا من بني إسرائيل لما رأوا كثرة شرور الناس، بنوا مدينة فاعتزلوا شرور الناس، فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدا منهم خارجا إلا أدخلوه، وإذا أصبحوا قام رئيسهم فنظر وأشرف، فإذا لم ير شيئا فتح المدينة، فكانوا مع الناس حتى يمسوا، قال: وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير، ولم يكن له وارث غير أخيه، فطال عليه حياته، فقتله ليرثه، ثم حمله فوضعه على باب المدينة، ثم كمن في مكان هو وأصحابه، قال: فأشرف رئيس المدينة فنظر، فلم ير شيئا ففتح الباب، فلما رأى القتيل رد الباب، فناداه أخو المقتول وأصحابه: هيهات قتلتموه ثم تردون الباب، وكان موسى لما رأى القتل كثيرا في بني إسرائيل كان إذا رأى القتيل بين ظهراني القوم أخذهم فكاد يكون بين أخي المقتول وبين أهل المدينة قتال حتى لبس الفريقان السلاح ثم كف بعضهم عن بعض، فأتوا موسى، فذكروا له شأنهم، قالوا: يا موسى إن هؤلاء قتلوا قتيلا ثم ردوا الباب، قال أهل المدينة: يا رسول الله قد عرفت اعتزالنا الشرور، وبنينا مدينة كما رأيت نعتزل شرور الناس، والله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، فأوحى الله تعالى إليه أن يذبحوا بقرة، فقال لهم موسى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم، فيها اختلاف ما، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا، والله أعلم.

[[سورة البقرة (٢): الآيات ٦٨ إلى ٧١]]

﴿قالُوا اُدْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا اُدْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا اُدْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)

<<  <  ج: ص:  >  >>