للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملائكته، وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين، وحفت تلك المنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيقول الله ﷿: أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم، فيقولون: ربنا نسألك رضوانك، فيقول: قد رضيت عنكم ولكم علي ما تمنيتم ولدي مزيد. فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة.

هكذا أورده الإمام الشافعي في كتاب الجمعة من الأم، وله طرق عن أنس بن مالك ، وقد أورد ابن جرير (١) هذا الحديث من رواية عثمان بن عمير عن أنس بأبسط من هذا، وذكر هاهنا أثرا مطولا عن أنس بن مالك موقوفا وفيه غرائب كثيرة.

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ، عن رسول الله قال: «إن الرجل في الجنة ليتكئ في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول، ثم تأتيه امرأة فتضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام فيسألها من أنت؟ فتقول أنا من المزيد وإنه ليكون عليها سبعون حلة أدناها مثل النعمان من طوبى فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك، وإن عليها من التيجان إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب» وهكذا رواه عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج به.

[[سورة ق (٥٠): الآيات ٣٦ إلى ٤٠]]

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠)

يقول تعالى: وكم أهلكنا قبل هؤلاء المكذبين ﴿مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً﴾ أي كانوا أكثر منهم وأشد قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ولهذا قال تعالى هاهنا: ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ قال ابن عباس : أثروا فيها. وقال مجاهد ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ﴾ ضربوا في الأرض وقال قتادة: فساروا في البلاد أي ساروا فيها يبتغون الأرزاق والمتاجر والمكاسب أكثر مما طفتم أنتم فيها، ويقال لمن طوف في البلاد نقب فيها، قال امرؤ


(١) تفسير الطبري ١١/ ٤٣١.
(٢) المسند ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>