تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء ثم يقول لقد بلغ منهم العذاب ثم يبكي، وقال محمد بن كعب:
تأكل كل شيء من جسده حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقه ترجع على جسده.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ أي مطبقة كما تقدم تفسيره في سورة البلد. وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن سراج، حدثنا عثمان بن خرزاذ، حدثنا شجاع بن أشرس، حدثنا شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ ﴿إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ قال: مطبقة. وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن أسيد عن إسماعيل بن خالد عن أبي صالح قوله ولم يرفعه.
وقوله تعالى: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ قال عطية العوفي: عمد من حديد، وقال السدي من نار، وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ يعني الأبواب هي الممددة، وقال قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود: إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة، وقال العوفي عن ابن عباس: أدخلهم في عمد ممددة عليهم بعماد وفي أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب: وقال قتادة: كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار واختاره ابن جرير، وقال أبو صالح ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ يعني القيود الثقال.
آخر تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة، ولله الحمد والمنة.
هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة، ومحو أثرها من الوجود فأبادهم الله وأرغم أنوفهم وخيب سعيهم وأضل عملهم، وردهم بشر خيبة، وكانوا قوما نصارى وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان، ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله ﷺ فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال ولسان حال القدر يقول: لم ننصركم يا معشر قريش على الحبشة لخيرتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء.
وهذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار والتقريب: قد تقدم في قصة أصحاب الأخدود أن ذا نواس، وكان آخر ملوك حمير وكان مشركا وهو الذي قتل أصحاب