للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبر» (١).

وقد قال ابن جريج في قوله ﴿لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ﴾ لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم (٢) وهذا فيه جمع بين القولين، والله أعلم.

وقوله تعالى ﴿وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ﴾ هكذا قرأه الجمهور وفسروه بأنه البعير قال ابن مسعود: هو الجمل ابن الناقة، وفي رواية زوج الناقة (٣) وقال الحسن البصري: حتى يدخل البعير في خرم الإبرة (٤) وكذا قال أبو العالية والضحاك وكذا روى علي بن أبي طلحة العوفي عن ابن عباس، وقال مجاهد وعكرمة عن ابن عباس: إنه كان يقرؤها ﴿يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ﴾ بضم الجيم وتشديد الميم يعني الحبل الغليظ في خرم الإبرة، وهذا اختيار سعيد بن جبير، وفي رواية أنه قرأ حتى يلج الجمل يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ.

وقوله ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ﴾ قال محمد بن كعب القرظي ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ﴾ قال الفرش ﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ﴾ قال اللحف (٥) وكذا قال الضحاك بن مزاحم والسدي ﴿وَكَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ﴾.

[[سورة الأعراف (٧): الآيات ٤٢ إلى ٤٣]]

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر حال السعداء فقال ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ أي آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله واستكبروا عنها، وينبه تعالى على أنه الإيمان والعمل به سهل لأنه تعالى قال ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ أي من حسد وبغض كما جاء في صحيح البخاري (٦) من حديث قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد


(١) أخرجه ابن ماجة في الزهد باب ٣١، وأحمد في المسند ٢/ ٣٦٤، ٦/ ١٤٠، والطبري في تفسيره ٥/ ٤٨٦.
(٢) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٨٦.
(٣) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٨٨.
(٤) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٨٨، وفيه: في خرت الإبرة، بدل: في خرم الإبرة.
(٥) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٩٢.
(٦) كتاب المظالم باب ١، والرقاق باب ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>