وقوله ﷻ: ﴿يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ﴾ أي ظاهرون بادون كلهم لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا يسترهم ولهذا قال: ﴿يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ أي الجميع في علمه على السواء. وقوله ﵎: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ﴾ قد تقدم في حديث ابن عمر ﵄ أنه تعالى يطوي السموات والأرض بيده ثم يقول أنا الملك أنا الجبار أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ وفي حديث الصور أنه ﷿ إذا قبض أرواح جميع خلقه فلم يبق سواه وحده لا شريك له حينئذ يقول لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرات ثم يجيب نفسه قائلا ﴿لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ﴾ أي الذي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه. وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن غالب الدقاق حدثنا عبيد بن عبيدة حدثنا معتمر عن أبيه حدثنا أبو نضرة عن ابن عباس ﵄ قال: ينادي مناد بين يدي الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات قال وينزل الله ﷿ إلى السماء الدنيا ويقول: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ﴾.
وقوله جلت عظمته: ﴿الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها وبالسيئة واحدة ولهذا قال ﵎: ﴿لا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر ﵁ عن رسول الله ﷺ فيما يحكي عن ربه ﷿ أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا-إلى أن قال-يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله ﵎، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه»(١) وقوله ﷿: ﴿إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ أي يحاسب الخلائق كلهم كما يحاسب نفسا واحدة كما قال جل وعلا:
يوم الآزفة اسم من أسماء يوم القيامة وسميت بذلك لاقترابها كما قال تعالى: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ﴾ [النجم: ٥٧ - ٥٨] وقال ﷿: ﴿اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١] وقال جل وعلا: ﴿اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ﴾ [الأنبياء: ١] وقال:
(١) أخرجه مسلم في البر حديث ٥٥، وأحمد في المسند ٥/ ١٦٠.