فوجدوه يبكي، فقالوا له ما يبكيك؟ ألم يقل لك رسول الله ﷺ خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقاني، قال بلى ولكن سمعت رسول الله ﷺ يقول:«إن الله تعالى قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى قال هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالي» فلا أدري في أي القبضتين أنا وأحاديث القدر في الصحاح والسنن والمسانيد كثيرة جدا منها حديث علي وابن مسعود وعائشة وجماعة جمة ﵃ أجمعين.
وقوله ﵎: ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً﴾ أي إما على الهداية أو على الضلالة ولكنه تعالى فاوت بينهم فهدى من يشاء إلى الحق وأضل من يشاء عنه وله الحكمة والحجة البالغة ولهذا قال ﷿: ﴿وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾.
وقال ابن جرير (١) حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي سويد أنه حدثه عن ابن حجيرة أنه بلغه أن موسى ﵊ قال: يا رب خلقك الذين خلقتهم جعلت منهم فريقا في الجنة وفريقا في النار لو ما أدخلتهم كلهم الجنة فقال يا موسى ارفع ذرعك فرفع قال قد رفعت قال ارفع فرفع فلم يترك شيئا قال يا رب قد رفعت قال ارفع قال قد رفعت إلا ما لا خير فيه قال كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة إلا ما لا خير فيه.
يقول تعالى منكرا على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ومخبرا أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير، ثم قال ﷿: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ أي مهما اختلفتم فيه من الأمور وهذا عام في جميع الأشياء ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه ﷺ كقوله جل وعلا: ﴿فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] ﴿ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي﴾ أي الحاكم في كل شيء ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أي أرجع في جميع الأمور.
وقوله ﷻ: ﴿فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي خالقهما وما بينهما ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً﴾ أي من جنسكم وشكلكم منة عليكم وتفضلا جعل من جنسكم ذكرا وأنثى ﴿وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً﴾ أي وخلق لكم من الأنعام ثمانية أزواج. وقوله ﵎: