للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الحديث الصحيح المتفق على صحته عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله : «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» (١).

[[سورة مريم (١٩): الآيات ٣٨ إلى ٤٠]]

﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)

يقول تعالى مخبرا عن الكفار يوم القيامة: إنهم يكونون أسمع شيء وأبصره، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا﴾ [السجدة:١٢] الآية، أي يقولون ذلك حين لا ينفعهم ولا يجدي عنهم شيئا، ولو كان هذا قبل معاينة العذاب لكان نافعا لهم ومنقذا من عذاب الله، ولهذا قال: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ أي ما أسمعهم وأبصرهم ﴿يَوْمَ يَأْتُونَنا﴾ يعني يوم القيامة ﴿لكِنِ الظّالِمُونَ الْيَوْمَ﴾ أي في الدنيا ﴿فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ أي لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون، فحيث يطلب منهم الهدى لا يهتدون ويكونون مطيعين حيث لا ينفعهم ذلك، ثم قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ أي أنذر الخلائق يوم الحسرة ﴿إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ أي فصل بين أهل الجنة وأهل النار وصار كل إلى ما صار إليه مخلدا فيه، ﴿وَهُمْ﴾ أي اليوم ﴿فِي غَفْلَةٍ﴾ عما أنذروا به يوم الحسرة والندامة ﴿وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ أي لا يصدقون به.

قال الإمام أحمد (٢): حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا، قال: فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت-قال-فيقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت-قال-فيؤمر به فيذبح، قال: ويقال يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت» ثم قرأ رسول الله : ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ وأشار بيده (٣) ثم قال «أهل الدنيا في غفلة الدنيا» هكذا رواه الإمام أحمد، وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث الأعمش به، ولفظهما قريب من ذلك. وقد روى هذا الحديث الحسن بن عرفة: حدثني أسباط بن محمد


(١) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ٤٧، ومسلم في الإيمان حديث ٤٦، وأحمد في المسند ٥/ ٣١٤.
(٢) المسند المسند ٣/ ٩.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٩، باب ١، ومسلم في الجنة حديث ٤٠، والترمذي في الجنة باب ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>