للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعر عن عون عن عبد الله قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان، هل مر بك اليوم ذاكر الله ﷿؟ فيقول: نعم ويستبشر، قال عون: لهي للخير أسمع أفيسمعن الزور والباطل إذا قيل ولا يسمعن غيره، ثم قرأ ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً﴾.

وقال ابن أبي حاتم أيضا: حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا هوذة، حدثنا عوف عن غالب بن عجرد، حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قال: بلغني أن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة-أو قال-كان لهم فيها منفعة، ولم تزل الأرض والشجر بذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة قولهم: اتخذ الرحمن ولدا، فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض وشاك الشجر. وقال كعب الأحبار: غضبت الملائكة واستعرت جهنم حين قالوا ما قالوا.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى قال: قال رسول الله : «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنه يشرك به ويجعل له ولدا، وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم» (٢) أخرجاه في الصحيحين. وفي لفظ «أنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم».

وقوله: ﴿وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ أي لا يصلح له ولا يليق به لجلاله وعظمته، لأنه لا كفء له من خلقه، لأن جميع الخلائق عبيد له، ولهذا قال: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ أي قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً﴾ أي لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة، ولا يظلم أحدا.

[[سورة مريم (١٩): الآيات ٩٦ إلى ٩٨]]

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨)

يخبر تعالى أنه يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وهي الأعمال التي ترضي الله ﷿ لمتابعتها الشريعة المحمدية-يغرس لهم في قلوب عباده الصالحين محبة ومودة، وهذا أمر لا بد منه ولا محيد عنه، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله من غير وجه.


(١) المسند ٤/ ٤٠٥.
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٣، والأدب باب ٧١، ومسلم في المنافقين حديث ٤٩، ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>