للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال ابن جرير (١) بعد ما حكى أقوال الناس في هذه الآية من القراء والمفسرين:

والصواب من التأويل قول من قال لتركبن أنت يا محمد حالا بعد حال وأمرا بعد أمر من الشدائد، والمراد بذلك وإن كان الخطاب موجها إلى رسول الله جميع الناس وأنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالا.

وقوله تعالى: ﴿فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ﴾ أي فماذا يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الله وكلامه وهو هذا القرآن لا يسجدون إعظاما وإكراما واحتراما؟ وقوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ أي من سجيتهم التكذيب والعناد والمخالفة للحق ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ﴾ قال مجاهد وقتادة:

يكتمون في صدورهم ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ أي فأخبرهم يا محمد بأن الله ﷿ قد أعد لهم عذابا أليما.

وقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ هذا استثناء منقطع يعني لكن الذين آمنوا أي بقلوبهم وعملوا الصالحات أي بجوارحهم ﴿لَهُمْ أَجْرٌ﴾ أي في الدار الآخرة ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ قال ابن عباس غير منقوص، وقال مجاهد والضحاك غير محسوب وحاصل قولهما أنه غير مقطوع كما قال تعالى: ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] وقال السدي قال بعضهم ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ غير منقوص، وقال بعضهم ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ عليهم، وهذا القول الأخير عن بعضهم قد أنكره غير واحد، فإن الله ﷿ له المنة على أهل الجنة في كل حال وآن ولحظة، وإنما دخلوها بفضله ورحمته لا بأعمالهم فله عليهم المنة دائما سرمدا والحمد لله وحده أبدا، ولهذا يلهمون تسبيحه وتحميده كما يلهمون النفس، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

آخر تفسير سورة الانشقاق. ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.

[تفسير سورة البروج]

وهي مكية

قال الإمام أحمد (٢): حدثنا عبد الصمد حدثنا زريق بن أبي سلمى حدثنا أبو المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله كان يقرأ في العشاء الآخرة ب ﴿السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ﴾ ﴿وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ﴾ (٣) وقال أحمد حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا حماد بن عباد السدوسي


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٥١٦.
(٢) المسند ٢/ ٣٢٦، ٣٢٧.
(٣) المسند ٢/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>