للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ قال أمة محمد (قلت) المراد بالموعظة هاهنا الزاجر أي جعلنا ما أحللنا بهؤلاء من البأس والنكال في مقابلة ما ارتكبوه من محارم الله، وما تحيلوا به من الحيل، فليحذر المتقون صنيعهم لئلا يصيبهم ما أصابهم، كما قال الإمام أبو عبد الله بن بطة: حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا محمد بن عمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» وهذا إسناد جيد، وأحمد بن محمد بن مسلم هذا، وثقه الحافظ أبو بكر البغدادي وباقي رجاله مشهورون على شرط الصحيح، والله أعلم.

[[سورة البقرة (٢): آية ٦٧]]

﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧)

يقول تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم في خرق العادة لكم في شأن البقرة، وبيان القاتل من هو بسببها، وإحياء الله المقتول، ونصه على من قتله منهم.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال: كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله ثم احتمله ليلا، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض. فقال ذوو الرأي منهم والنهي: علام يقتل بعضكم بعضا، وهذا رسول الله فيكم؟ فأتوا موسى ، فذكروا ذلك له، فقال ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ﴾ قال: فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شددوا، فشدد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال:

والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا، فأخذوها بملء جلدها ذهبا، فذبحوها، فضربوه ببعضها، فقام فقالوا: من قتلك؟ فقال: هذا-لابن أخيه، ثم مال ميتا، فلم يعط من ماله شيئا، فلم يورث قاتل بعد. ورواه ابن جرير من حديث أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة بنحو من ذلك (١)، والله أعلم. ورواه عبد بن حميد في تفسيره: أنبأنا يزيد بن هارون به، ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره، عن أبي جعفر هو الرازي، عن هشام بن حسان به، وقال آدم بن أبي إياس في تفسره: أنبأنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ قال: كان رجل من بني إسرائيل، وكان غنيا، ولم يكن له ولد، وكان له قريب، وكان وراثه، فقتله ليرثه، ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى فقال له: إن قريبي قتل وأني إلى أمر عظيم، وإني لا أجد أحدا يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله، قال: فنادى


(١) الطبري ١/ ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>