قال: يا أبا عثمان، وما تعجب من ذا، والله يقول ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ ويقول ﴿فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ﴾ [التوبة: ٣٨]؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله ﷺ، يقول: «إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة».
وفي معنى هذا الحديث ما رواه الترمذي وغيره من طريق عمرو بن دينار، عن سالم، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أن رسول الله ﷺ، قال «من دخل سوقا من الأسواق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير-كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة» الحديث.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة إسماعيل بن إبراهيم بن بسام، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عيسى بن المسيب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: لما نزلت ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ﴾ إلى آخرها، فقال رسول الله ﷺ «رب زد أمتي»، فنزلت ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾. قال: «رب زد أمتي»، فنزلت ﴿إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ [الزمر: ١٠].
وروى ابن أبي حاتم أيضا عن كعب الأحبار: أنه جاءه رجل فقال: إني سمعت رجلا يقول:
من قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ مرة واحدة، بنى الله له عشرة آلاف ألف غرفة من درّ وياقوت في الجنة، أفأصدق ذلك؟ قال: نعم، أو عجبت من ذلك؟ قال: نعم، وعشرين ألف ألف وثلاثين ألف ألف وما لا يحصي ذلك إلا الله، ثم قرأ ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ فالكثير من الله لا يحصى وقوله ﴿وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ﴾ أي أنفقوا ولا تبالوا، فالله هو الرازق يضيق على من يشاء من عباده في الرزق، ويوسعه على آخرين، له الحكمة البالغة في ذلك ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي يوم القيامة.
[[سورة البقرة (٢): آية ٢٤٦]]
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ اِبْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ (٢٤٦)﴾
قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: هذا النبي هو يوشع بن نون قال ابن جرير: يعني ابن أفرايم بن يوسف بن يعقوب، وهذا القول بعيد لأن هذا كان بعد موسى بدهر طويل، وكان ذلك في زمان داود ﵇، كما هو مصرح به في القصة، وقد كان بين داود وموسى ما ينيف عن ألف سنة، والله أعلم وقال السدي: هو شمعون. وقال مجاهد: هو شمويل ﵇، وكذا قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه: وهو شمويل (١) بن بالي بن علقمة بن يرحام بن
(١) تأتي هذه الأسماء في الكتب العربية وقد طرأ عليها الكثير من التحريف والتصحيف. وما أثبتناه في سلسلة النسب هنا من الطبري ٥/ ٢٩١ (طبقة دار المعارف بتحقيق محمود محمد شاكر). وقد ضبطها المحقق على ما ورد في الإصحاح السادس من كتاب اليهود الذي بين أيدينا، وأشار في الهوامش إلى رسم الاسم في الثورة مع الاختلافات في سلسلة النسب.