للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكونه ما مات قتيلا في الحرب، ويتأسف على ذلك، ويتألم أن يموت على فراشه.

وقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾، يحث تعالى عباده على الانفاق في سبيل الله، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع، وفي حديث النزول أنه يقول تعالى: «من يقرض غير عديم ولا ظلوم» وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما نزلت ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾، قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله ﷿ ليريد منا القرض؟ قال: «نعم يا أبا الدحداح».

قال: أرني يدك يا رسول الله. قال: فناوله يده، قال: فإني قد أقرضت ربي ﷿ حائطي، قال: وحائط له فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها. قال فجاء أبو الدحداح فنادها: يا أم الدحداح. قالت: لبيك. قال: اخرجي، فقد أقرضته ربي ﷿. وقد رواه ابن مردويه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر مرفوعا بنحوه.

وقوله: ﴿قَرْضاً حَسَناً﴾ روي عن عمر وغيره من السلف هو النفقة في سبيل الله، وقيل: هو النفقة على العيال، وقيل: هو التسبيح والتقديس.

وقوله: ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ كما قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ﴾ [البقرة:٢٦١]، وسيأتي الكلام عليها.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا يزيد، أخبرنا مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، قال: أتيت أبا هريرة ، فقلت له: إنه بلغني أنك تقول إن الحسنة تضاعف ألف ألف حسنة، قال: وما أعجبك من ذلك، لقد سمعته من النبي يقول «إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة» هذا حديث غريب، وعلي بن زيد بن جدعان عنده مناكير.

لكن رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال: حدثنا أبو خلاد سليمان بن خلاد المؤدب، حدثنا يونس بن محمد المؤدب، حدثنا محمد بن عقبة الرفاعي عن زياد الجصاص عن أبي عثمان النهدي، قال: لم يكن أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني، فقدم قبلي حاجا، قال: وقدمت بعده، فإذا أهل البصرة يأثرون عنه أنه قال: سمعت رسول الله ، يقول «إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة» فقلت: ويحكم، والله ما كان أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني، فما سمعت هذا الحديث، قال: فتحملت أريد أن ألحقه فوجدته قد انطلق حاجا، فانطلقت إلى الحج ألقاه في هذا الحديث، فلقيته لهذا، فقلت: يا أبا هريرة، ما حديث سمعت أهل البصرة يأثرون عنك؟ قال: ما هو؟ قلت: زعموا أنك تقول: إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة،


(١) مسند أحمد (ج ٢ ص ٢٩٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>