للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ أي هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله ﴿إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ أي إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لب وهو العقل، والله أعلم.

[[سورة الزمر (٣٩): الآيات ١٠ إلى ١٢]]

﴿قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢)

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالاستمرار على طاعته وتقواه ﴿قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ﴾ أي لمن أحسن العمل في هذه الدنيا حسنة في دنياهم وأخراهم، وقوله: ﴿وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ﴾ قال مجاهد: فهاجروا فيها وجاهدوا واعتزلوا الأوثان (١).

وقال شريك عن منصور عن عطاء في قوله : ﴿وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ﴾ قال: إذا دعيتم إلى معصية فاهربوا ثم قرأ ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها﴾ وقوله تعالى:

﴿إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ قال الأوزاعي ليس يوزن لهم ولا يكال لهم إنما يغرف لهم غرفا، وقال ابن جريح بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط، ولكن يزادون على ذلك، وقال السدي ﴿إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ يعني في الجنة (٢).

وقوله: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ﴾ أي إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ قال السدي يعني من أمته .

[[سورة الزمر (٣٩): الآيات ١٣ إلى ١٦]]

﴿قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (١٦)

يقول تعالى قل يا محمد وأنت رسول الله ﴿إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ وهو يوم القيامة وهذا شرط معناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى ﴿قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ وهذا أيضا تهديد وتبرّ منهم ﴿قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ﴾ أي إنما الخاسرون كل الخسران ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ أي تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا وسواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار أو أن الجميع أسكنوا النار ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور ﴿أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ﴾ أي هذا هو الخسران البيّن الظاهر


(١) انظر تفسير الطبري ١٠/ ٦٢٢.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>