للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى ﴿وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى﴾ [فصلت: ١٧] وقال ﴿وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠] على تفسير من قال المراد بهما الخير والشر وهو الأرجح والله أعلم، وأصل التقوى التوقي مما يكره لأن أصلها وقوى من الوقاية قال النابغة: [الكامل] سقط النصيف ولم ترد إسقاطه … فتناولته واتقتنا باليد (١)

وقال الآخر: [الطويل] فألقت قناعا دونه الشمس واتقت … بأحسن موصولين كف ومعصم (٢)

وقد قيل إن عمر بن الخطاب سأل أبي بن كعب عن التقوى فقال له: أما سلكت طريقا ذا شوك؟ قال بلى، قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت (٣)، قال: فذلك التقوى.

وقد أخذ هذا المعنى ابن المعتز فقال: [مجزوء الكامل] خل الذنوب صغيرها … وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماش فوق أرض … الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة … إنّ الجبال من الحصى (٤)

وأنشد أبو الدرداء يوما: [الوافر] يريد المرء أن يؤتى مناه … ويأبى الله إلا ما أرادا

يقول المرء فائدتي ومالي … وتقوى الله أفضل ما استفادا (٥)

وفي سنن ابن ماجة عن أبي أمامة عن النبي «ما استفاد المرء بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله» (٦).

[[سورة البقرة (٢): آية ٣]]

﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)


(١) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٩٣؛ والشعر والشعراء ١/ ١٧٦؛ والمقاصد النحوية ٣/ ١٠٢؛ ولسان العرب (نصف)؛ والقرطبي ١/ ١٦١؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٥٩. والنصيف: هو كل ما غطى الرأس من خمار أو عمامة. والنابغة هنا يصف المتجردة زوجة النعمان بن المنذر.
(٢) البيت بلا نسبة أيضا في القرطبي ١/ ١٦١.
(٣) في رواية القرطبي: «تشمّرت وحذرت» وهو أوضح في المقام.
(٤) الأبيات الثلاثة في القرطبي ١/ ١٦٢.
(٥) البيتان في القرطبي ١/ ١٦٢. وقد أوردهما القرطبي شاهدا على أن «التقوى فيها جماع الخير كله وهي وصية الله في الأولين والآخرين». قال: كما قال أبو الدرداء وقد قيل له: إن أصحابك يقولون الشعر وأنت ما أحفظ عنك شيء، فقال
(٦) ابن ماجة (نكاح، باب ٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>