يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السموات وما في الأرض، أي من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤] ثم قال تعالى:
﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ﴾ أي هو مالك السموات والأرض المتصرف فيهما بحكمه، وهو القدوس، أي المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال ﴿الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ تقدم تفسيرهما غير مرة.
وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ﴾ الأميون هم العرب، كما قال تعالى:
﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾ [آل عمران: ٢٠] وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم، ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر، كما قال تعالى في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤] وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به، وكذا قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤].
وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى: ﴿قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ [الأعراف:١٥٨] وقوله: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وقوله تعالى إخبارا عن القرآن: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ﴾ [هود: ١٧] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم بعثته، صلوات الله وسلامه عليه، إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم، وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام بالآيات والأحاديث الصحيحة، ولله الحمد والمنة.
وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم، حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا