العمل في اتباع الشرع، فإنه متمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها لقوتها وثباتها.
ثم قال تعالى متوعدا لمن عبد غيره وأشرك به، إنه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال ويعلم ما يشركون به من الأنداد، وسيجزيهم وصفهم، إنه حكيم عليم، ثم قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ﴾ أي وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه.
قال الإمام أحمد (١): حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثني ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عمرو بن العاص ﵁ قال: عقلت عن رسول الله ﷺ ألف مثل، وهذه منقبة عظيمة لعمرو بن العاص ﵁ حيث يقول الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ﴾.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا أبي، حدثنا ابن سنان عن عمرو بن مرة قال: ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني، لأني سمعت الله تعالى يقول: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ﴾.
يقول تعالى مخبرا عن قدرته العظيمة أنه خلق السموات والأرض بالحق، يعني لا على وجه العبث واللعب ﴿لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى﴾ [طه: ١٥] ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم: ٣ ب]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلهية، ثم قال تعالى آمرا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن، وهو قراءته وإبلاغه للناس ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين على ترك الفواحش والمنكرات، أي مواظبتها تحمل على ترك ذلك. وقد جاء في الحديث من رواية عمران وابن عباس مرفوعا «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم تزده من الله إلا بعدا».
[[ذكر الآثار الواردة في ذلك]]
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس، حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد، حدثنا عمر بن أبي عثمان، حدثنا الحسن عن عمران بن حصين قال: سئل النبي ﷺ عن قول الله: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ قال: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء