للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» وسمعته ينهى عن قيل وقال: وكثرة السؤال وإضاعة المال، وعن وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومنع وهات (١)، وأخرجاه من طرق عن ورّاد به.

وثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: إن رسول الله كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول: «سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» (٢) وهذه الآية كقوله : ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: ١٠٧] ولها نظائر كثيرة. وقال الإمام مالك (٣) رحمة الله عليه: كان أبو هريرة إذا مطروا يقول: مطرنا بنوء الفتح، ثم يقرأ هذه الآية ﴿ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ورواه ابن أبي حاتم عن يونس عن ابن وهب عنه.

[[سورة فاطر (٣٥): آية ٣]]

﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ (٣)

ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له كما أنه المستقل بالخلق والرزق، فكذلك فليفرد بالعبادة ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان، ولهذا قال تعالى: ﴿لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ﴾ أي فكيف تؤفكون بعد هذا البيان، ووضوح هذا البرهان، وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان، والله أعلم.

[[سورة فاطر (٣٥): الآيات ٤ إلى ٦]]

﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦)

ويقول : وإن يكذبوك يا محمد هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة، فإنهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم ﴿وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ أي وسنجزيهم على ذلك


(١) أخرجه البخاري في الاستقراض باب ١٩، والأدب باب ٦، والرقاق باب ٢٢، والاعتصام باب ٣، ومسلم في الأقضية حديث ١٢، ١٤.
(٢) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ١٩٤، والمساجد حديث ١٣٧، ١٣٨.
(٣) كتاب الاستسقاء حديث ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>