المقبري عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال:«ما من خارج يخرج إلا ببابه رايتان:
راية بيد ملك وراية بيد شيطان، فإن خرج لما يحب الله اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته».
يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه به من السلاسل والأغلال والسعير، وهو اللهب والحريق في نار جهنم كما قال تعالى: ﴿إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ﴾ [غافر: ٧١ - ٧٢] ولما ذكر ما أعده لهؤلاء الأشقياء من السعير قال بعده: ﴿إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً﴾ وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة. قال الحسن: برد الكافور في طيب الزنجبيل ولهذا قال: ﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً﴾ أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفا بلا مزج ويروون بها، ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حتى عداه بالباء ونصب عينا على التمييز، قال بعضهم: هذا الشراب في طيبه كالكافور، وقال بعضهم: هو من عين كافور، وقال بعضهم: يجوز أن يكون منصوبا بيشرب حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير (١).
وقوله تعالى: ﴿يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً﴾ أي يتصرفون فيها حيث شاؤوا وأين شاؤوا من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم، والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى: ﴿وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً﴾ [الإسراء: ٩٠] وقال ﴿وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً﴾ [الكهف: ٣٣].
وقال مجاهد: ﴿يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً﴾ يقودونها حيث شاؤوا وكذا قال عكرمة وقتادة، وقال الثوري يصرفونها حيث شاؤوا، وقوله تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً﴾ أي يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر.
قال الإمام مالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن مالك عن عائشة رضي الله