للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم بدر: «أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا» فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ﴾ (١) وكذا رواه البخاري والنسائي في غير موضع من حديث خالد، وهو ابن مهران الحذاء به. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال: لما نزلت ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ قال عمر: أي جمع يهزم؟ أي جمع يغلب قال عمر:

فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله يثب في الدرع وهو يقول: «سيهزم الجمع ويولون الدبر» فعرفت تأويلها يومئذ.

وقال البخاري (٢): حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم، أخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين فقالت: نزل على محمد بمكة وإني لجارية ألعب ﴿بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ﴾ هكذا رواه هاهنا مختصرا، ورواه في فضائل القرآن مطولا ولم يخرجه مسلم.

[[سورة القمر (٥٤): الآيات ٤٧ إلى ٥٥]]

﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَما أَمْرُنا إِلاّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)

يخبرنا تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق وسعر مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء، وهذا يشمل كل من اتصف بذلك من كافر ومبتدع من سائر الفرق، ثم قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ﴾ أي كما كانوا في سعر وشك وتردد أورثهم ذلك النار، وكما كانوا ضلالا يسحبون فيها على وجوههم لا يدرون أين يذهبون، ويقال لهم تقريعا وتوبيخا: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ كقوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ [الفرقان: ٢] وكقوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى﴾ [الأعلى: ١ - ٣] أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه، ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها، وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة


(١) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٨٩، وتفسير سورة ٥٤، باب ٥، ٦، وأحمد في المسند ١/ ٣٢٩.
(٢) كتاب التفسير، تفسير سورة ٥٤، باب ٧، والفضائل باب ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>