للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء، توسعة عليكم ورخصة لكم، وذلك أن هذه الآية الكريمة فيها تنزيه الصلاة، أن تفعل على هيئة ناقصة، من سكر حتى يصحو المكلف ويعقل ما يقول، أو جنابة حتى يغتسل، أو حدث حتى يتوضأ، إلا أن يكون مريضا أو عادما للماء، فإن الله ﷿ قد أرخص في التيمم، والحالة هذه رحمة بعباده ورأفة بهم، وتوسعة عليهم، ولله الحمد والمنة.

[ذكر سبب نزول مشروعية التيمم]

وإنما ذكرنا ذلك هاهنا لأن هذه الآية التي في النساء متقدمة النزول على آية المائدة، وبيانه أن هذه نزلت قبل تحتّم تحريم الخمر، والخمر إنما حرم بعد أحد بيسير يقال: في محاصرة النبي لبني النضير، وأما المائدة فإنها من أواخر ما نزل ولا سيما صدرها، فناسب أن يذكر السبب هاهنا، وبالله الثقة.

قال أحمد (١): حدثنا ابن نمير عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله رجالا في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى رسول الله، فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن الحضير لعائشة: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرا.

طريق أخرى: قال البخاري (٢): حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله على التماسه، وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة، أقامت برسول الله وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله على فخذي فقام رسول الله حين أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير:

ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته، وقد رواه البخاري أيضا عن قتيبة وإسماعيل، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.

حديث آخر: قال الإمام أحمد (٣): حدثنا يعقوب، حدثنا أبي عن صالح قال، قال ابن


(١) مسند أحمد ٦/ ٥٧.
(٢) صحيح البخاري (تيمم باب ١)
(٣) مسند أحمد ٤/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>