الوهم والخيال، والمراد بالظن هاهنا الاعتقاد الفاسد ﴿وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ﴾ تكذبون على الله فيما ادعيتموه.
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس ﴿لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا﴾ وقال ﴿كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ ثم قال ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: ١٠٧] فإنهم قالوا: عبادتنا الآلهة تقربنا إلى الله زلفى فأخبرهم الله أنها لا تقربهم، فقوله ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا﴾ يقول تعالى لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين (١).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ يقول تعالى لنبيه ﷺ ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾ أي له الحكمة التامة والحجة البالغة في هداية من هدى وإضلال من ضل، ﴿فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ فكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويبغض الكافرين، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى﴾ [الأنعام: ٣٥] وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [يونس: ٩٩] وقوله ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: ١١٨ - ١١٩] قال الضحاك:
لا حجة لأحد عصى الله ولكن لله الحجة البالغة على عباده.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ﴾ أي أحضروا شهداءكم ﴿الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا﴾ أي هذا الذي حرمتموه وكذبتم وافتريتم على الله فيه ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾ أي لأنهم إنما يشهدون والحالة هذه كذبا وزورا ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ أي يشركون به ويجعلون له عديلا.
قال داود الأودي عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود ﵁ قال: من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله ﷺ التي عليها خاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ -إلى قوله- ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ وقال الحاكم في مستدركه: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة، قال: سمعت ابن عباس يقول: في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب، ثم قرأ ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ الآيات،