قبيس، وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه، فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة، لبيك اللهم لبيك، وهذا مضمون ما روي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف، والله أعلم، أوردها ابن جرير (١) وابن أبي حاتم مطولة.
وقوله: ﴿يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ﴾ الآية، قد يستدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الحج ماشيا لمن قدر عليه أفضل من الحج راكبا، لأنه قدمهم في الذكر، فدل على الاهتمام بهم وقوة هممهم وشدة عزمهم، وقال وكيع عن أبي العميس، عن أبي حلحلة، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس قال: ما أساء علي شيء إلا أن وددت أني كنت حججت ماشيا، لأن الله يقول: ﴿يَأْتُوكَ رِجالاً﴾ والذي عليه الأكثرون أن الحج راكبا أفضل، اقتداء برسول الله ﷺ فإنه حج راكبا مع كمال قوته ﵇. وقوله: ﴿يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ﴾ يعني طريق، كما قال: ﴿وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً﴾ [الأنبياء: ٣١] وقوله: ﴿عَمِيقٍ﴾ أي بعيد، قاله مجاهد وعطاء والسدي وقتادة ومقاتل بن حيان والثوري وغير واحد، وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن إبراهيم حيث قال في دعائه: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: ٣٧] فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن إلى رؤية الكعبة والطواف، فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار.
قال ابن عباس: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ﴾ قال: منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن، والذبائح والتجارات، وكذا قال مجاهد وغير واحد: إنها منافع الدنيا والآخرة كقوله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]. وقوله: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ﴾، قال شعبة وهشيم عن أبي بشر، عن سعيد، عن ابن عباس ﵄:
الأيام المعلومات أيام العشر، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به. وروي مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والضحاك وعطاء الخراساني وإبراهيم النخعي، وهو مذهب الشافعي والمشهور عن أحمد بن حنبل.
وقال البخاري: حدثنا محمد بن عرعرة، حدثنا شعبة عن سليمان، عن مسلم البطين، عن