وعن وهب بن منبه: أنه حكى من كلام عزيز ﵇ أنه قال: وتخرج من تحت سدوم دابة تكلم الناس كل يسمعها، وتضع الحبالى قبل التمام، ويعود الماء العذب أجاجا، ويتعادى الأخلاء وتحرق الحكمة، ويرفع العلم، وتكلم الأرض التي تليها، وفي ذلك الزمان يرجو الناس ما لا يبلغون، ويتعبون فيما لا ينالون، ويعملون فيما لا يأكلون، رواه ابن أبي حاتم عنه، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح عن أبي مريم أنه سمع أبا هريرة ﵁ يقول: إن الدابة فيها من كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب. وقال ابن عباس: هي مثل الحربة الضخمة، وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال: إنها دابة لها ريش، وزغب، وحافر، وما لها ذنب، ولها لحية، وإنها لتخرج حضر الفرس الجواد ثلاثا، وما خرج ثلثها، رواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن جريج عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا، تخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء، فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه، ولا يبقى كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان، فتفشوا تلك النكتة السوداء حتى يسود بها وجهه، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق بكم ذا يا مؤمن، بكم ذا يا كافر؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم من كافرهم، ثم تقول لهم الدابة: يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة، ويا فلان أنت من أهل النار. فذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ﴾.
يقول تعالى مخبرا عن يوم القيامة وحشر الظالمين من المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله ﷿ ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا، تقريعا وتوبيخا وتصغيرا وتحقيرا فقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾ أي من كل قوم وقرن فوجا أي جماعة ﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا﴾ كما قال تعالى: ﴿اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ﴾ [الصافات: ٢٢] وقال تعالى:
﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [التكوير: ٧] وقوله تعالى: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ قال ابن عباس ﵄: يدفعون (١). وقال قتادة: وزعة يرد أولهم على آخرهم.