للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذَكَرَهُ «١» .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِسْوَرِ، قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الشَّرْحُ؟ قَالَ «نُورٌ يُقْذَفُ بِهِ فِي الْقَلْبِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ أمارة تعرف؟ قَالَ «نَعَمْ» قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ «الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ الْمَوْتِ» .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» أَيْضًا: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله «إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْفَسَحَ وَانْشَرَحَ» قَالُوا: فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ عَلَامَةٍ يُعْرَفُ بِهَا؟ قَالَ «الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّنَحِّي عَنْ دَارِ الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت» وقد رواه مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يُشْرَحُ صَدْرُهُ؟ قال «يدخل فيه النور فَيَنْفَسِحُ» قَالُوا: وَهَلْ لِذَلِكَ عَلَامَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «التَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَالْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْمَوْتُ» «٣» فَهَذِهِ طُرُقٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ مُرْسَلَةٌ وَمُتَّصِلَةٌ، يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً قُرِئَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَتَسْكِينِ الْيَاءِ، وَالْأَكْثَرُونَ ضَيِّقًا بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ كَهَيْنٍ وَهَيِّنٍ، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ حَرِجًا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ قيل بمعنى آثم، قاله السُّدِّيُّ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى حَرَجًا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَّسِعُ لِشَيْءٍ مِنَ الْهُدَى، وَلَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مَا يَنْفَعُهُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَا يَنْفُذُ فِيهِ.

وَقَدْ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مِنْ مدلج عن الحرجة، فقال: هِيَ الشَّجَرَةُ تَكُونُ بَيْنَ الْأَشْجَارِ، لَا تَصِلُ إِلَيْهَا رَاعِيَةٌ وَلَا وَحْشِيَّةٌ وَلَا شَيْءٌ، فَقَالَ عُمْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَذَلِكَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَجْعَلُ اللَّهُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ ضَيِّقًا، وَالْإِسْلَامُ وَاسِعٌ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ


(١) تفسير الطبري ٥/ ٣٣٥.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٣٣٦.
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>